كان يوم لا ينسي في تاريخ حياتي
استيقظت في هذا اليوم من نومي اثر زغدة قوية من يد امي تبعتها كلمات مبتورة بصوتها المبحوح :
_ اصحى يا موكوس عشان تروح المدرسة ..
اي مدرسة تقصد .. لقد نسيت ان اليوم هو اول يوم في المدارس
عشان ببساطة محدش عبرني ولا جابلى هدوم جديدة وشنطة وجزمة زي ما بيحصل كل سنة..
مالذي تغير ؟!! ..
منذ ان عرفوا بخبر رسوبي وكل من في البيت يعاملونني بقسوة ..
مر علي الصيف حزينا..
أبي الذي يعمل موظفا بسيطا في وزارة الأوقاف كان يرثي دائما لحالي أنني الراسب
والباقي ناجين من براثن الرسوب اللعين الذي طالتني يداه ظلما وعدوانا
هذا لأنني لم أعرف ولم ينبهني أحد بموعد امتحان الدور الثاني في مادة الرياضيات ..
المهم أنني استيقظت والكسل يجثم على أعضاء جسدي الهزيل..
دخلت الحمام ابحث عن زر اللمبة ولما وجدته أيقنت أن اللمبة محروقة من أسبوع
وما فعلته لم يكن إلا اعتيادا مني على ذلك ولم يهتم أحد بالبيت أن يغيرها
فكرت وهذا يحدث نادرا .. كيف سأواجه زملاء العام الماضي برسوبي اللعين .
ذهبت إلى حجرتي التي يشاركني فيها اخوتي الثلاثة أفتش عن بنطالي القديم وقميصي الزيتي
الذي تهرأت ياقته وحذائي الذي ضاعت اربطته فاصبح مختلا يكاد يفارق أقدامي كلما مشيت
وحقيبة كتبي التي فقدت جيوبها
دخلت من باب المدرسة والطلاب تلمع ملابسهم وحقائبهم الجديدة
وانظر نظرة سخط لزملائي الذين يقفون في مكان الصف الثاني واقف انا مع الراسبين في مكان الصف الاول
وأول ما لاحظته أننا نقف في حدود الثلاثين طالبا تقريبا بمفردنا
وكل من ينظر لنا بلا اهتمام فقد كنا نحن الصف الأول فقط بالمدرسة فصل 1/1 ..
كيف ولماذا وأين لم أفهم لحظتها .. ولم استوعب الموقف ..
كل ما عرفته لحظتها أنه ليس هناك طلاب جدد بالصف الأول الاعدادي ..
نحن فقط الراسبون .. فرحت فرحة طفلة أنه لن يوجد من يعيرنا فكل الفصل راسبون
وقال الواد حمدي لي انهم بيعملوا فينا كده عشان مانعملهاش ونسقط تاني .. بيعاقبونا يا عبيط !!!
كان العقاب قاسيا حينما أسر الأستاذ أحمد لزميله قائلا بصوت خفيض سمعته أنا وحمدي
_ هذا قدري أن أدرس هذا العام للأغبياء
وبعدها كل مدرس يمر علينا يقول فصل الأغبياء
ليه أنا معرفش
أنا موش غبي بس أنا فعلا معرفش